من يقع في الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، حيث أن هذا يعد من الأحاديث المميزة والجميلة التي لها الكثير من القدسية والأهمية وفي المقال التالي سوف نفهم المقصود منه وما هي دلالاته المختلفة، وفي المقال التالي سوف نتعرف على هذه الشبهات وما هي مخاطر الوقوع فيها بدرجة كبيرة فتابعونا كي نجيب على كافة أسئلتكم في هذا الشأن بالتفصيل.
من يقع في الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه
من يقع في الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه
عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (إن الحلال بيِّن وإن الحرام بين، وبينهما أمور مُشْتَبِهَاتٌ لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشُّبُهات فقد اسْتَبْرَأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحِمى يوشك أن يَرْتَع فيه، ألا وإن لكل مَلِك حِمى، ألا وإن حِمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مُضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب).
إن القاعدة العامة تؤكد على أن الخالق عز وجل أحل لنا ما أحل وحرم علينا ما حرم وجعل الفرق واضح ومميز ولكن العديد من المسلمين يخافون من الشبهات لدرجة كبيرة، ولذلك كان هذا الحديث حيث أن ترك الأشياء المشتبه عليها سلم دينه بالبعد عن الوقوع في الحرام، أو اغتياب الناس أو فعل أي معاصي بل وصان عرضه من كلام الناس عليه بدرجة كبيرة، أما من لم يجتنب الشبهات فقد عرض نفسه للوقوع في الحرام أو اغتياب الناس له ونيلهم من عرضه، وقد أشار نبينا صلى الله عليه وسلم إلى أن الأعمال الظاهرة تدل على الأعمال الباطنة من صلاح أو فساد حال، حيث بين لنا أن الجسد فيه مضغة هي القلب يصلح الجسد بصلاحها، ويفسد بفسادها.
ما القضايا الأساسية التي يتناولها حديث إن الحلال بيّن وإن الحرام بيّن؟
هناك ثلاث قضايا أساسية يناقشها هذا الحديث (إن الحلال بيِّن وإن الحرام بين) تتمثل هذه القضايا في النقاط التالية:
- القسم الأول الحلال: وهو قسم بين الحلال ووضح أنه حلال وذلك لصراحة الدليل الذي يدل على حله وحسن فهم المرأ وحسن تطبيقه لشرائع الخالق عز وجل في الأرض.
- القسم الثاني الحرام: وهو القسم الخاص بالتحريم مع حسن التطبيق لما فهمه الإنسان من الدليل على ما يأتيه من أعمال أو يحدثه من أعمال مختلفة وسيئة في حياته.
- القسم الثالث هو قسم الشبهات الدائرة ما بين الحلال والحرام: وهو قسم لا ينتمي إلى أيًا منهما ويعمد إلى إخفاء الدليل الذي يدل عليه حيث يشتبه أمر فهمه على من يبحث فيه فلا يعرف ما إذا كان حلال أم حرام أي أن الذي اشتبه أمره من أعمال الناس أو من الأحكام هو الذي اختلف فيه العلماء، فمنهم من أباح، ومنهم من منع، أو هو خلاف الأولى أو هو المكروه.
ما هي الشبهات
الشبهات هي الأمور المشتبهة وسميت مشتبهة لغموضها وعدم اتضاح حالها وخفاء حكمها على التعيين، حيث أن المتشابه والشك يأتيان من اللبس، والشبهة تعني المشاكل وقد فسر العلماء الشبهات بأربع أشياء هي:
- تعارض الأدلة كما قدمت
- اختلاف العلماء
- المكروه لأنه يجتذبه جانبا الفعل والترك
- المراد بها المباح ولا يمكن لقائل هذا أن يحمله على متساوي الطرفين من كل وجه بل يمكن حمله على ما يكون من قسم خلاف الأولى بأن يكون متساوي الطرفين
من أمثلة الشبهات؟
هناك العديد من الأمثلة للشبهات في الحكم الشرعي والسنة النبوية ومنها نذكر ما يلي من أمثلة:
-
عندما شك ناس في وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم قال عمه العباس رضي الله عنه : «والله ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ترك السبيل نهجاً واضحاً، وأحل الحرام، وحرم الحلال، ونكح وطلق، وحارب وسالم» ( ابن رجب الحنبلي في جامع العلوم والحكم) .
-
-و عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال : قال رسول لله صلى الله عليه وسلم : ((إن الحلال بيِّــن وإن الحرام بيِّـــن وبينهما أمور مشتبِهات لا يعلمهنّ كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعِـرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحِمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حِمى ألا وإن حِمى الله محارمه ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب)).
من أمثلة الحلال الظاهر الذي لا شبهة فيه؟
إن أمثلة الحلال الظاهر الذي لا شبهة فيه كثيرة ولا أول لها من أخر، فمعظم ما في حياة المرأة من أمور حلال له القيام به، ولا اشتباه فيه ومن أبرز الأمثلة على ذلك نجد ما يلي:
- أكل الطيبات كلها.
- شرب الأشربة الطيبة.
- لبس القطن والكتان.
- استعمال الصوف والشعر.
- النكاح بعقد صحيح.
في حين أن الحرام محض ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتم الاشتباه فيه نهائيًا وهي مما لا يمكن أن يختلف عليه أثنين ومن الأمثال لها نذكر ما يلي:
- أكل الميتة.
- شرب الدم.
- أكل لحم الخنزير.
- شرب الخمر.
- نكاح المحارم.
- لبس الرجال للحرير.
- الكسب الحرام.
- الربا والميسر.
- الأموال المسروقة.
ما الذي يحققه من يترك الشبهات حتى لا يقع في الحرام؟
إن من يترك الشبهات حتى لا يقع في المحارم هو شخص أمن الحرام ولن يقع فيه بإذن الله تعالى، وذلك لأنه ترك ما شك فيه حتى لا يقع في الحرام حيث أن أعظم ما يمكن أن يقع فيه القلب هو الجهل في الاعتقاد، ولابد أن نعلم أن كثرة الاعتياد على القيام بالمشتبه فيه من الأمور التي تجر القدم بسهولة كي تذل في الحرام والممنوع.
لذلك فإن الحرص على اجتناب الشبهات من الأمور التي تعود على صاحبها بالكثير من الخير والرزق الوفير، وابتعاده عن أمر مشتبه فيه من الأمور التي تضمن له ابتعاده عن الحرام بأي حال من الأحوال وتجعله في مآمن من الذلل والفتن وهي غاية كل مسلم ومؤمن بكتاب الله وسنة رسوله.
هل يجب الابتعاد عن الشبهات؟
اختلف العديد من العلماء حول الشبهات وما إذا كانت يمكن الأخذ بها أم الابتعاد عنها بشكل كبير وقيل أن وقفها والابتعاد عنها هو الأفضل، وقد اتفق العلماء على أن المؤمن كامل الإيمان يقف عند الشبهات بكل جوارحه حيث أن اتقاء الشبهات من الأمور التي من شأنها بعده بشكل كبير عن الحرام بكل أحواله.
كما أن هناك ضرورة في الابتعاد عن الشبهات بدرجة كبيرة لأن اتقائها فيه استبراء للدين والعرض كما ورد في حديث رسولنا الكريم وقد حفظ دينه وصان عرضه، ولذلك فلابد من أن يحرص المسلم الصحيح على دينه ولا يقع في الشبهات بأي حال من الأحوال.
ما هي مخاطر الوقوع في الشبهات؟
هناك العديد من المخاطر التي من من الممكن أن يتعرض لها الفرد في حياته بسبب الوقوع في الشبهات وقد وصف رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أن من يرتكب الشبهات مثله كمثل راع يرعى إبله أو غنمه قرب أرض قد حماها صاحبها، فتوشك ماشية ذلك الراعي أن ترعى في هذا الحمى لقربها منه، فكذلك من يفعل ما فيه شبهة، فإنه بذلك يقترب من الحرام الواضح، فيوشك أن يقع فيه.
وتتركز خطورة الشبهات في أن القلب يصبح أكثر اقترافًا للمعاصي ويتلطخ بالنكت السوداء وهذه هي أثر الذنوب حيث يصبح منتكسًا ولا يقبل خيرًا ولا حكمة ولا يتأثر بموعظة ولا بنصيحة ولا يقبل الحق ولا يرفض الباطل ولو رأه إلا ما أشرب من هواه، فنجد أن العقلانية من الممكن أن تطغو على الورع وعلى مدى التمسك بالكتاب وصحيح السنة وهم في الواقع لا يبحثون عن الحق ولا يتحرون الدقة ولذلك فلابد من الابتعاد عن الشبهات قدر الممكن وذلك لأن عدم الوقوع فيها يحوي حماية من التعرض للوقوع في الحرام ذاته.