أن تعبد الله كأنك تراه

اضيفت بواسطة : Mohamed Sheref | نشرت بتاريخ : 23 فبراير 2023 | المُدقق اللغوي : Mohamed Sheref | آخر تحديث : 23 فبراير 2023
هناك البعض منا من لا يعرف الفرق بين الإسلام والإيمان والإحسان ومراتبهم ونحن في المقال التالي سوف نتعرف على أعلى درجات الإيمان وهي الإحسان، ونتناول أركان الإيمان بشيء من التفصيل ونسلط الضوء على ديننا الحنيف وكيف نصل إلى مرحلة أن نعبد الله كأننا نراه.

أن تعبد الله كأنك تراه أن تعبد الله كأنك تراه

 ان تعبد الله كأنك تراه

هذا ما جاء به الحديث الشريف عن تعريف الإحسان وهو قول جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم : الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فهو يراك" وفي رواية أخرى " أن تخشى الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فهو يراك"

وفي تفسير هذا الحديث جمع لجوامع الكلم حيث ضم كل معاني الخشوع والمراقبة وأحوال المسلم الظاهرة والباطنة، والطائع الذي يعبد الله وعلى أتم اليقين أن الله عز وجل ينظر إليه ويشاهد مقامه بين يديه ومن أضاع هذا المقام فقد ضاع منه أعلى مقام العبودية وأساس العلاقة بينه وبين خالقه.

هذا الحديث الشريف يضم قاعدة مهمة من قواعد المسلمين التي يجب عليهم الالتزام بها لأن المرء لو قام بعبادة ما وهو يعلم أن الله سبحانه وتعالى ينظر إليه، فسوف يقوم بالطبع بكل ما فيه من خشوع وخضوع في الظاهر والعلن ولن يترك وجه حسن من أوجه القيام بها إلا وأتى به.

إذا قام العبد إلى ربه وهو متيقن من أن الله يقف بين يديه وينظر إليه لن يترك شيئاً مما قدر عليه من إحسان العمل ولا يلتفت إلى ما سواه، وهذا يتلخص في عبادة العبد لربه مع عدم رؤيته له وينبغي عليه أن يعمل بمقتضاه إذا لا يخفى أن من يرى من يعمل له العمل يعمل له أحسن ما يمكن أن يأتي به.

كيف اعبد الله كأني أراه

الوصول إلى مرتبة أن أعبد الله كأني أراه هي مرتبة الإحسان ومرتبة السابقين أي تعبد الله على المراقبة والمشاهدة حيث تؤدي عبادتك إلى الله وكأنك تشاهده يراقبك وينظر إليك خلال الصوم والصلاة والزكاة وغيرهم.

على المرء أن يعبد الله كأنه يشاهده حتى يجتهد في العمل ويخلص فيه ويقوم به على أفضل وجه، فلو ان الشخص المؤمن علم في قرارة نفسه وتيقن من أن الله ينظر إليه وأمامه يشاهده فإنه سوف يتقن في عمله ويجتهد ويخلص فيه ويحرص كل الحرص على أن يقوم بإتمامه وإكماله على أكمل وجه.

والفرد يقف بين أمرين: الأول أن يعبد الله كأنه يرى الله وهذه أرفع وأعلى الدرجات وأسماها، والثاني أن يعمل وهو مؤمن أن الله يراه ويعلم أنه يراه حيث أن عملك في مرأى ومسمع من الله عز وجل فتقوم بالاجتهاد في أداء عملك على الوجه الأفضل لأن الله يشاهدك، وفيها استحضار أن الله يشاهدك ويعلم مكانك كما قال عز وجل في كتابه العزيز في سورة طه " إنني معكما أسمع وأرى"

تعريف الإحسان

الإحسان في اللغة: أصل كلمة الإحسان من لفظ حسن والإحسان هو نقيض الإساءة، حيث يطلق على الرجل أنه محسن أي كثير الإحسان، ويعرف الإحسان بأنه الإخلاص ولا يصل الإنسان إلى درجة الإحسان إلا عندما يكون مسلم على حق ويكون إيمانه بالله خالصاً لوجه الكريم، ويستشعر مراقبة الله له ويطمئن قلبه ويهدى بالإيمان فلو أرؤاد الصلاة قام بها بحضور تام وخشوع.

الإحسان في الاصطلاح: تم تعريف الإحسان بأن المرء يعبد ربه جل في علاه عبادة خالصة مع الاستشعار بوجود الله أمامه ومراقبته له سبحانه وتعالى فيشعر بأنه يرى الحق عز وجل ينظر له ويطلع عليه وعلى أعماله، وهو ما يدفع المسلم بالفعل إلى دوام طاعة الله والتقرب إلى الله وتجنب الوقوع في المعاصي، وقال جمع من العلماء أن الإحسان يقصد به الطاعات والعبادات والأعمال التي يتقرب بها المسلم إلى الله تبارك وتعالى مثل النوافل التي لم يفرضها الله على عباده.

أنواع الإحسان

الإحسان ثلاثة أنواع اثنان منهم يتعلقان بعيادة الله عز وجل والثالث يتعلق بالقيام بحقوق المخلوقات وهم كالتالي:

الإحسان المتعلق بعبادة الله

يتحقق الإحسان في عبادة الله عز وجل خرفاً منه وهرباً إليه ولا يتم هذا الأمر إلا من خلال اجتناب نواهيه والتقرب منه والإقبال على طاعته والالتزام بأوامره ونيل رضاه.

قال تعالى في كتابه العزيز " والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب"

الإحسان المتعلق بعيادة الله عبادة الشوق

هذا النوع من الإحسان أعلى مرتبة من النوع الأول لأنه يتعلق بعبادة الله عز وجل عبادة الشوق والأنس بقربه سبحانه، وتتحقق تلك المعادلة عندما يصل الشخص المؤمن إلى مرحلة يصبح من خلالها مشتاق إلى عبادة ربه والتقرب إليه وحريص كل الحرص على أداء العبادة لما يشعر فيها بلذة كبيرة بمناجاة الله والتقرب منه والشعور بالأنس برفقته.

ونرى هذا في الرجل الذي يتعلق قلبه بالمساجد ويعبد الله بشوق ومحبة كبيرة ويأنس في القرب من الله ومناجاته ولذا يظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.

الإحسان في القيام بحقوق الخلق

يتم تحقيق هذا النوع من الإحسان عن طريق الإحسان إلى الوالدين وصلة الأرحام والإحسان في إكرام الضيف ومساعدة الفقراء والمحتاجين، وحتى الإحسان إلى الحيوانات يدخل من هذا الباب ويشمل أيضاً كل الأمور التي يتحقق فيها الإحسان في أداء حقوق العباد.

مقامات الإحسان

لقد خلق الله عز وجل الأرض والسماء والكون بأكمله وكل ما فيه وما عليه من أجل غاية سامية وهي تعمير الأرض وعبادة الله عز وجل، وخلق لنا الموت والحياة من أجل ابتلاء الإنسان بإحسان عمله وصدق تقربه من الله جل في علاه فسخر له الموت والحياة ليعرف من أحسنهم عملاً.

ولكي يسير الشخص المؤمن في طريق الإحسان عليه أن يعرف الله حق المعرفة ويستشعر مراقبة الله له في كل أحواله ويكون على علم ويقين بأن الله يراقبه ومطلع عليه وينظر إليه وأن الله رقيب شهيد على كل شيء، فلا يغيب عنه مثقال ذرة من خردل في السموات والأرض إلا وهو يعلمها.

يسمو الشخص إلى درجة الإحسان من خلال تعظيم الله كأنه يراه ويلتزم بأوامره ويجتنب نواهيه ويبتعد عن كل ما يغضبه من آثام ومعاصي ويتأكد من أن الله مطلع على جميع أعماله وتصرفاته وحركاته وسكناته.

قال الإمام ابن رجب أن للإحسان مقامين وهما كما سوف نقوم بتوضيحهم كالتالي:

مقام الإخلاص: وهو اجتهاد المؤمن في استحضار رؤية الله عز وجل له واطلاعه على جميع أموره وقربه منه، فالشخص المؤمن لو استحضر قرب الله منه ومراقبته له في جميع أعماله فسوف يكون مخلص لله سبحانه وتعالى لأن استحضار رؤية الله له تمنعه من الالتفات إلى أي أمر آخر أو شيء غير مرضاة الله وهذا هو مقام الإخلاص.

مقام الشهادة: وهو عمل المؤمن على مقتضى رؤيته ومشاهدته لله بقلبه ويتم تحقيق مشاهدة المؤمن لله بالمشاهدة القلبية من خلال تعمير قلبه بالإيمان وتتنور بصيرته بالعرفان، فلو تحققت تلك الرؤية القلبية فقد حصل المؤمن ووصل بهذا الأمر إلى مقام الإحسان وحقيقته.

عدد أركان الإيمان

أركان الإيمان هما 6 كما تم ذكرهم في الحديث الشريف وهم:
  • ركن الإيمان بالله: وهو أصل الأركان التي يقوم عليها الإيمان ويعتمد عليه باقي الأركان المتبقية وهو التصديق بالله بشكل كامل وجازم والاعتراف بالله والقرار بوجوده جل في علاه، والاعتراف بأن الله سبحانه وتعالى هو من يستحق العبادة دوناً عن سواه فهو من خلقنا وأحسن خلقنا وهو صاحب الكمال والتمام ولا ينقصه شيء ولا يصبه عيب.
  • الإيمان بجميع الملائكة: حيث أن الملائكة هم خلق الله عز وجل ولكن بمواصفات مختلفة فهم من نور واصطفاهم من بين جميع خلقهم لتكريس حياتهم لعبادة الله فقط وتنفيذ أوامره والامتثال لطاعته دون اعتراض، فلا يقوم أحد منهم بعصيان الله أو الامتناع عن تنفيذ أوامره ومنهم من تم ذكره في كتاب الله مثل جبريل وميكائيل ومالك عليهم السلام ويجب على المؤمن أن يؤمن بوجودهم جميعاً ومن لم يتم ذكره أيضاً.
  • الإيمان بالكتب: وهي جميع الكتب السماوية التي أنزلها الله عز وجل على رسله وأنبيائه وتضم التشريعات والأوامر والنواهي والأحكام والفروض المختلفة التي ينص عليها الدين، وجميع الكتب تهدف إلى عبادة الله عز وجل وتشير إلى النهج الصحيح الذي يجب أن يتبعه الشبر في حياتهم، ولابد من تصديق تلك الكتب وهي التوراة والإنجيل والزبور والقرآن الكريم فجميعها شرائع الله وكتبه.
  • الإيمان بالرسل: وهم مجموعة الرجال الذين اصطفاهم الله عز وجل واختصهم برسالته عن العالمين وكلفهم برسالة الوحي وقيامهم بدعوة الناس إلى الله وتبليغهم أوامره ونواهيه، وذكر الله سبحانه وتعالى في كتبه العزيز 25 رسول ونبي وعلى المؤمن أن يؤمن بهم جميعاً وبمن لم يتم ذكره أيضاً.
  • الإيمان باليوم الآخر: وهو يوم القيامة وهو اليوم الذي لا يأتي بعده أي يوم وهو الإذن الواضح بانتهاء حياة الدنيا وبداية حياة الآخرة، وهذا اليوم سوف نشهد فيها الكثير من الأهوال من البعث والحساب والعقاب ودخول الجنة والنار والسير على الصراط وعلى المؤمن أن يؤمن به وبأن هذا العالم سوف ينتهي يوماً ما وان الدنيا ليست دار الخلود.
  • الإيمان بالقدر خيره وشره: وهو أن يسلم الإنسان تمام التسليم بأن الله سبحانه وتعالى هو من يقوم بكل شيء ويكتب قدر كل مخلوق تبعاً لعلمه وحكمته وحده سبحانه وأن يؤمن به خيره وشره كما قال في اللوح المحفوظ " لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً "
نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صلة

أبرز ما يميز الشبكة العنكبوتية
من مراحل التمر
من صفات البشرة العادية لا تظهر عليها الإفرازات الدهنية
وجود الشخصيات والأحداث من العناصر الفنية للقصة
أحد مميزات الكتابة أنها
أي مما يأتي يساعد على حفظ التربة