الشعر والمدح
ودائمًا ما كان الشعر وسيكون مصدر فخر اللغة العربية ودليل بلاغتها في إيصال المعلومة بسهولة ويسر كبيرين، ولقد أبدع العرب جميع أنواع الشعر بدرجات متفاوتة ودون أي نوع من أنواع التكاسل بل كانوا دائمي الحرص على الإتيان بالجديد كلما تثنت لهم الفرص للتعبير عما في داخلهم بكل بلاغة وسعادة منقطعة النظير وفيما يلي نبين لكم بعض أبيات الشعر التي من شأنها أن تكون مدح، والتي قام فيها الشاعر الجاهلي النابغة الذبياني بمدح النعمان بن المنذر وهي من القصائد التي تصنف من شعر المديح بغرض التكسب:
أَلَم تَرَ أَنَّ اللَهَ أَعطاكَ سورَةً * * * تَرى كُلَّ مَلكٍ دونَها يَتَذَبذَبُ
فَإِنَّكَ شَمسٌ وَالمُلوكُ كَواكِبٌ * * * إِذا طَلَعَت لَم يَبدُ مِنهُنَّ كَوكَبُ
وَلَستَ بِمُستَبقٍ أَخاً لا تَلُمَّهُ * * * عَلى شَعَثٍ أَيُّ الرِجالِ المُهَذَّبُ
فَإِن أَكُ مَظلوماً فَعَبدٌ ظَلَمتَهُ * * * وَإِن تَكُ ذا عُتبى فَمِثلُكَ يُعتِبُ
سميت باسم الله وقلت هذا خيال * * * كيف يجتمع كل الزين بإنسان ؟
الحلى و الطيب والسحر الحلال * * * والبسمة اللي تجذب الإنس و الجان
النظرة الخجلى تناديني برغبة تعال * * * والكلمة الحلوة تعزفلي جملة ألحان
قلتها بأعلى صوت وغنيتها موال * * * اللــه لا اجتمع كل الزين بإنسان؟
أَبا هِندٍ فَلا تَعَجَل عَلَينا * * * وَأَنظِرنا نُخَبِّركَ اليَقينا
بِأَنّا نورِدُ الراياتِ بيضا * * * وَنُصدِرُهُنَّ حُمراً قَد رَوينا
وَأَيّامٍ لَنا غُرٍّ طِوالٍ * * * عَصَينا المَلكَ فيها أَن نَدينا
وَسَيِّدِ مَعشَرٍ قَد تَوَّجوهُ * * * بِتاجِ المُلكِ يَحمي المُحجَرينا
تَرَكنا الخَيلَ عاكِفَةً عَلَيهِ * * * مُقَلَّدَةً أَعِنَّتَها صُفونا
وَأَنزَلنا البُيوتَ بِذي طُلوحٍ * * * إِلى الشاماتِ تَنفي الموعِدينا
وَقَد هَرَّت كِلابُ الحَيِّ مِنّا * * * وَشذَّبنا قَتادَةَ مَن يَلينا
عَلى قَدْرِ أهْلِ العَزْم تأتي العَزائِمُ * * * وَتأتي علَى قَدْرِ الكِرامِ المَكارمُ
وَتَعْظُمُ في عَينِ الصّغيرِ صغارُها * * * وَتَصْغُرُ في عَين العَظيمِ العَظائِمُ
يُكَلّفُ سيفُ الدّوْلَةِ الجيشَ هَمّهُ * * * وَقد عَجِزَتْ عنهُ الجيوشُ الخضارمُ
وَيَطلُبُ عندَ النّاسِ ما عندَ نفسِه * * * وَذلكَ ما لا تَدّعيهِ الضّرَاغِمُ
يُفَدّي أتَمُّ الطّيرِ عُمْراً سِلاحَهُ * * * نُسُورُ الفَلا أحداثُها وَالقَشاعِمُ
وَما ضَرّها خَلْقٌ بغَيرِ مَخالِبٍ * * * وَقَدْ خُلِقَتْ أسيافُهُ وَالقَوائِمُ
هَلِ الحَدَثُ الحَمراءُ تَعرِفُ لوْنَها * * * وَتَعْلَمُ أيُّ السّاقِيَيْنِ الغَمَائِمُ
سَقَتْها الغَمَامُ الغُرُّ قَبْلَ نُزُولِهِ * * * فَلَمّا دَنَا مِنها سَقَتها الجَماجِمُ
بَنَاهَا فأعْلى وَالقَنَا يَقْرَعُ القَنَا * * * وَمَوْجُ المَنَايَا حَوْلَها مُتَلاطِمُ
وَكانَ بهَا مثْلُ الجُنُونِ فأصْبَحَتْ * * * وَمِنْ جُثَثِ القَتْلى عَلَيْها تَمائِمُ
ومن أبرز وأهم أنواع هذا الشعر على الإطلاق أنها تتفق بشكل كبير مع كافة أغراض الشعر العربي ومن أبرز ما يميزه كذلك أنها فصيح بشكل لا يمكن تصديقه على الإطلاق، وفيما يلي سوف نذكر لكم أبرز أنواع هذا الشعر ومثال بديع عليه:
للـــطيب مـــواقف وللمرجلة رجاجيل * * * وللخيل فـــرسانها فــي ســاعة الشدّة
وللبيوت أمــراس وللقهوة فناجيل * * * على مضايف نشامى لـــها رجـالٍ تعده
حنا هل المواقف مواقف الشهم الأصيل * * * يشهد لنـا السيــف ويشهد لنا حـدّه
حنا نخــاوي الدنيا خـــوة نـجوم اللـيل * * * عــد الـــنواظر ما طـــاوعتــنا بـــعــدّه
حنـــا النشامى يشــهد لنا دمٍ يسيل * * * نحر الذبـــايح دوم ساعة اللين والشدّة
حنــا النشامى وتشهد لنا سروج الخيل * * * ســـروج الركايب فـــزعة اللي نودّه
حنـــا النشـــامى تشـــهد لـــنا الفناجيل * * * نســـهر لها ما حــنا مــكبّرين المخدة
يعد البحتري من الشعراء بدوي النزعة أي أن شعره دائم التأثر بالبدوية إلى حد كبير وعلى الرغم من حداثة عمره وتطلعاته وتنقلاته بالإضافة إلى الحضارة التي كان يحيا فيها إلا أنه لم يتأثر كثيرًا بكل هذا وقد حرص بكل جوارحه على تقليد المعاني القديمة لفظيًا مع التجديد في المعاني والدلالات وعرف عنه التزامه الكبير بعمود الشعر ونهجه للقصيدة العربية الأصيلة، وقد أشتهر البحتري بشعر المدح بدرجة كبيرة ومن أبرز هذه الأبيات على الإطلاق سوف نذكر لكم ما يلي:
أكرمُ الناسِ شيمةً، وأتمُّ النا سِ خَلقًا، وأكثرُ الناسِ رِفدا
وشبيهُ النبيِّ خَلقًا وخُلقًا ونسيبُ النبيِّ جدًا فجدّا
أتَاكَ الرّبيعُ الطّلقُ يَختالُ ضَاحِكاً منَ الحُسنِ حتّى كادَ أنْ يَتَكَلّمَا
وَقَد نَبّهَ النّوْرُوزُ في غَلَسِ الدّجَى أوائِلَ وَرْدٍ كُنّ بالأمْسِ نُوَّمَا
يُفَتّقُهَا بَرْدُ النّدَى، فكَأنّهُ يَنِثُّ حَديثاً كانَ قَبلُ مُكَتَّمَا
وَمِنْ شَجَرٍ رَدّ الرّبيعُ لِبَاسَهُ عَلَيْهِ، كَمَا نَشَّرْتَ وَشْياً مُنَمْنَما
وقد مدح المتنبي العديد من الأشخاص في حياته ومن أبرز أعماله التي مدح فيها كان ما جاء في عبيد الله ابن خلكان لما أهداه هدية فيه سمك وسكر ولوز وعسل وقال في أبيات المدح تلك ما يلي:
قَدْ شغلَ النَّاسَ كثرَةُ الأملِ وأنتَ بالمكرُماتِ في شُغُلِ
تمثَّلُوا حاتِماً ولو عَقَلُوا لَكُنتَ في الجُودِ غايَةَ المَثَلِ
أهلاً وسهلاً بِما بعَثتَ بهِ إيهاً أبا قاسِمٍ وبالرُّسُلِ
هديَّةٌ ما رأيتُ مُهديَها إلا رأيتُ العِبَادَ في رَجُلِ
أقلُّ ما في أقلّهَا سمكٌ يَسبَحُ في بِرْكةٍ مِن العَسَلِ
كَيفَ أكَافي على أجلِّ يَدٍ مَنْ لا يَرَى أنَّها يَدٌ قِبَلي
كذلك فقد كان له مديح رائع في محمدبن زريق الطرسوسي والذي قال فيه أبو الطيب المتنبي الأبيات التالية مدحًا وحبًا فيه:
مُحمَّد بن زُرَيْقٍ ما نَرَى أحَدا، إذا فقدناكَ يُعطي قَبلَ أن يَعِدَا
وقَد قصدتُكَ والتِّرْحالُ مُقترِبٌ والدَّارُ شاسِعَةٌ والزَّادُ قد نَفِدَا
فَخَلِّ كفَّكَ تَهْمي واثنِ وابِلَها، إذا اكْتَفَيْتُ وإلا أغرقَ البلدَا
وُلِـدَ الـهُـدى فَـالكائِناتُ ضِياءُ --- وَفَـمُ الـزَمـانِ تَـبَـسُّـمٌ وَثَناءُ
الـروحُ وَالـمَـلَأُ الـمَلائِكُ حَولَهُ --- لِـلـديـنِ وَالـدُنـيـا بِهِ بُشَراءُ
وَالـعَـرشُ يَزهو وَالحَظيرَةُ تَزدَهي --- وَالـمُـنـتَـهى وَالسِدرَةُ العَصماءُ
وَحَـديـقَـةُ الفُرقانِ ضاحِكَةُ الرُبا --- بِـالـتُـرجُـمـ انِ شَـذِيَّةٌ غَنّاءُ
وَالـوَحيُ يَقطُرُ سَلسَلاً مِن سَلسَلٍ --- وَالـلَـوحُ وَالـقَـلَـمُ البَديعُ رُواءُ
نُـظِمَت أَسامي الرُسلِ فَهيَ صَحيفَةٌ --- فـي الـلَـوحِ وَاِسمُ مُحَمَّدٍ طُغَراءُ
وجدتُكَ أعطيتَ الشجاعةَ حقّها
غداةَ لقيتَ الموتَ غيرَ هَيوبِ
إذا قُرِنَ الظنُّ المصيبُ، من الفتى
بتجربةٍ، جاءا بعلمِ غيوب
وإنّكَ، إن أهديتَ لي عيبَ واحدٍ
جديرٌ، إلى غيري، بنقل عيوبي
وإنّ جيوبَ السردِ من سُبُلِ الرّدى
إذا لم يكن، من تحتُ، نُصح جيوب
عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ
وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ
وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها
وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ
يُكَلِّفُ سَيفُ الدَولَةِ الجَيشَ هَمَّهُ
وَقَد عَجَزَت عَنهُ الجُيوشُ الخَضارِمُ
وَيَطلِبُ عِندَ الناسِ ما عِندَ نَفسِهِ
وَذَلِكَ ما لا تَدَّعيهِ الضَراغِمُ
قد كنت دوماً حين يجمعنا النّدى خلّاً وفيّاً والجوانح شاكره
والـوم أشعر فى قرارة خاطري أنّ الذي قد كان أصبح نادره
لا تحسبوا أنّ الصداقة لقْيـَــة بـين الأحـبّة أو ولائم عامره
إنَّ الصداقة أن تكون من الهوى كالقلب للرّئتين ينبض هادره
استلهـم الإيمـان من عتباتها ويظلّني كرم الإله ونائـره
يا أيّها الخــلّ الوفيُّ تلطفـاً قد كانت الألفاظ عنك لقاصره
وكبا جواد الشّعر يخذل همّتــي ولربّما خـذل الجوادُ مناصِـرَهْ.
وتفيد عبارات المدح بشكل كبير بالإضافة إلى أنها تعمل على دعم كلامك بشكل مميز والتعبير عما يدور في خلدك، بالإضافة إلى تحسين موقفك بشكل كبير في أي موقف تجد نفسك موضوع فيه بشكل واضح ومميز وبما أن لغتنا العربية لغة مميزة وتعتمد على الكلام المنمق والمنظوم بدرجة كبيرة، فستجد أنها ذاخرة بالعديد من العبارات المميزة والجميلة التي تتعلق بالمدح والتي لا يشترط أن تكون شعر على الإطلاق بل من الممكن أن تكون مجرد نثر وفيما يلي نذكر لكم أبرز عبارات المدح المتعارف عليها عند غالبية البلغاء في اللغة وفيما يلي نذكر لكم أبرز هذه العبارات:
ولقد عرف الكثير من الشعراء على مر التاريخ أن استعمال عبارات المديح والثناء له فضل كبير لا أول له من أخر، ولطالما أستعملوه في الشكر والمدح للملوك والأمراء، بهدف التقرب منهم بشكل كبير جدًا، فقد سبق وقال أحد الشعراء مثلا في ملك يمدحه، إليك يا من كان لها قدم السبق في ركب العلم والتّعليم، إليك يا من بذلت ولم تنتظري العطاء، إليك أهدي عبارات الشكر والتقدير، في حين قال شاعر أخر إن قلت شكراً فشكري لن يوفيكم، حقاً سعيتم فكان السعي مشكوراً، إن جف حبري عن التّعبير يكتبكم قلب به صفاء الحب تعبيراً تتسابق الكلمات وتتزاحم العبارات لتنظم عقد الشّكر الذي لا يستحقه إلا أنت.
ومن أبرز الأشعار المميزة التي تم إطلاقها على الآخرين في تحقيق الكثير من الثناء والمديح، هو ما نطق به الشاعر الكبير أبو بكر الخوارزمي في ديوان قصائده المميزة في المديح على وجه التحديد نجد لدينا ما يلي:
طلّقت بعدك مدح الناّس كلَّهم فإن أراجع فإنّي محصن زاني
وكيف أمدحهم والمدح يفضحُهُم إنّ المسيب للجاني هو الجاني
قومٌ تراهم غضابي حين تنشدهُم لكنّه يشتهي مدحاً بمجَّان
عثمان يعلم أنّ المدح ذو ثمن لكنّه يشتهي مدحاً بمجَّان
ورابني غيظهم في هجو غيرهِم وإنّما الشّعر مصوبٌ بعثمان
ما كل غانيةٍ هندٌ كما زعموا وربمّا سبّ كشحانٌ بكشحان
فسوف يأتيك مني كل شاردةٍ لها من الحسن والإحسان نسجان
يقول من قرعت يوماً مسامعه قد عنَّ حسان في تقريظ غسان
الوشي من أصبهان كان مجتلباً فاليوم يهدى إليها من خراسان
قد قلت إذ قيل إسماعيل ممتدحٌ له من النّاس بختٌ غير وسنان
مرحبًا بكم في عالمي، حيث الكلمات ترشدكم إلى فهم أعماق أحلامكم. أنا Habiba Gamal، المتخصص في تفسير الأحلام وكتابة المقالات المعلوماتية التي تضيء الجوانب المخفية وراء رموز وقصص أحلامنا. بخلفية أكاديمية في علم النفس وعلم الاجتماع، أعمق في الأبعاد النفسية والثقافية التي تشكل عوالم أحلامنا. أسعى من خلال كتاباتي لتقديم تحليلات دقيقة ومفهومة، تساعد القراء على ربط تجاربهم الحلمية بواقع حياتهم. من خلال مقالاتي، ستجدون دليلًا شاملًا لفهم الرسائل الخفية في الأحلام وكيفية تطبيق هذه الفهوم في تعزيز النمو الشخصي والوعي الذاتي. انضموا إلي في هذه الرحلة الاستكشافية لعالم الأحلام، حيث كل حلم هو بوابة لاكتشاف الذات.